إفريقية ، فهذا الأمر لم يقع القيام به إلّا بالنسبة إلى المغرب الأقصى (١) ، مما جعل الباحث يجد نفسه مجبرا على التنقيب في المجموعات الكلاسيكية الكبرى بطريقة منظمة. وقد أعملت سعة المعرفة الأوروبية خلال القرن التاسع عشر في هذه المجموعات كل وسائل النقد والعمل الجبار مثل الخزانة الطبنريّةBibliotheca Teubneriana ، ومكتبة لوب الكلاسيكيةThe Loeb Classical Library (نصوص وترجمة إنكليزية) ومجموعة ج. بودي Collection G.Bude (نصوص وترجمة فرنسية) ، ومجموعة جامعات فرنساCollection des Universites de France ، وملاحق كلاسيكية لمكتبة أكسفورد Scriptorium Classicorum Bibliotheca Oxoniensis. إلى جانب هذه المصادر الإخبارية ، يستحسن أن نضيف مصادر أكثر مباشرة تكوّنت من نصوص القانون الروماني مع أن هذه النصوص كانت في الأصل نقائش (٢).
لم تكن كتابات أصحاب الحوليات والإخباريين أو الجغرافيين من الإغريق واللاتين ذات قيمة واحدة بالنسبة إلى كامل الفترة الفرعية المدروسة. فإذا كان البعض منهم يميل إلى تجميع الأخبار من الذين سبقوهم ، فإن الآخرين قدّموا لنا معلومات أصلية وقيّمة وفي بعض الأحيان شواهد مباشرة. هكذا قد يكون بوليب Polybe مثلا ـ الذي عاش في رفقة عائلة سيبيون Scipion ـ حضر حصار قرطاج سنة ١٤٦ ق. م ، وكتاب حرب يوغرطةBellum Jugurthinum الذي يعتبر وثيقة من الطراز الأول عن الممالك البربرية ، وكتاب قيصرCesar «الحرب الأهلية» Bellum Civile وهو مؤلف لفاعل في التاريخ.
وقد هيمنت على هذه الفترة صورة بوليب ومؤلّفاته. فبوليب مثلما ذكر لنا (٣) كان ابن العصر الهلنستي وثقافته إذ ولد حوالى ٢٠٠ ق. م أي
__________________
(١) M. Roget, Le Maroc chez les auteurs anciens, ٤٢٩١.
(٢) P.P.Girard ,Textes de Droit romain ,٦ \'edit ,٧٣٩١.
(٣)Cambridge Ancient History, Vol. VIII : Rome and the Mediterranean.