المكتوبة عن طريق اكتشافات جديدة ، غير أنه على العكس من ذلك يمكننا استغلالها أحسن بتعميق تحليلها وإخضاعها لنقد دقيق ، مع مقارنتها بالمواد الأثرية والنقائشية التي ما زالت لم تنضب بعد ، وذلك باستغلالها خاصة بأكثر نزاهة وموضوعية (١).
إفريقية الصحراوية والغربية
ليكون كلامنا واضحا ، نقرّ بأنه ليس لدينا أية وثيقة يمكن أن نثق بها لتعرفنا عن إفريقية السوداء الغربية. وإذا ما قبلنا مع موني Mauny (٢) أن القدامي أي القرطاجيين والإغريق والرومان لمّا يتجاوزوا رأس جوبي Cap Juby ، ومستوى خطّ عرض الجزر الخالدات Les Canaries ، وهو الأمر الأكثر احتمالا ، فإن المعلومات الواردة في كتاباتهم ، لها علاقة إذن بأقصى جنوب المغرب الأقصى. لذلك من المؤكّد أنهم كانوا على تخوم العالم الأسود غير أنهم لم يلجوه.
إن رحلة حنّون هي أكذوبة ، إن لم تكن كلها فعلى الأقل بالنسبة إلى معظمها (٣) ، فهذه الرحلة هي تأليف مركّب تختلط فيه اقتباسات من هيرودوت Herodote ، وبوليب Polybe ، وبوسيدونيوس Posidonius وسيلاكس Scylax المزعوم والذي لا بد أن يعود إلى القرن الأول.
أما الكتابات الأكثر جدية فهي لهؤلاء المؤلفين تحديدا فهذا هيرودوت يشير إلى التجارة الصامتة التي كان يمارسها القرطاجيون في جنوب المغرب الأقصى ، وهذا مكمّل سيلاكس المزعوم (القرن الرابع قبل الميلاد) قد أمدّنا بدوره بمعلومات قيّمة عن العلاقات بين القرطاجيين واللوبيين البربر ، غير أن بوليب هو الذي يبرز مرة أخرى باعتباره المصدر الأكثر صدقا إذ تمدنا نتف من نصه التي وقع دسّها في بلين
__________________
(١) بخصوص التحريفات التي نشأت عن طريق قراءة متحيّزة للنصوص ، تعتبر كتابات العروي النقدية للهيستوريغرافيا الغربية جيّدة و" نافعة".
(٢) R.Mauny ,٠٧٩١ ,pp.٧٨ ـ ١١١.
(٣) Ibid., p. ٨٧; Tauxier, ٢٨٨١, pp. ٥١ ـ ٧٣; G. Germain, ٧٥٩١, pp. ٥٠٢ ـ ٨٤٢.