الرابع عشر ، وهو يمثل شهادة ملاحظ من الطراز الأول ، ولذلك فهذا الكتاب هو مصدرنا الرئيسي في دراسة مملكة مالي في تنظيمها الداخلي وكذلك في علاقاتها مع مصر والإسلام ، وهو يمثل لدينا أيضا العرض العربي الأكثر ثراء عن الدول الإسلامية في الحبشة خلال القرن الرابع عشر ، وعلاوة على أهمية وضعه ، يطرح كتاب العمري مشكل ظهور الدولة في بلاد السودان ومشكل الأسلمة ، كما تعرّض البكري قبله بثلاثة قرون إلى مشكلة تجارة الذهب الكبرى. ويشير هذا الأخير إلى عمق الروابط بين بلاد المغرب وبلاد السودان ، بينما يشير الأول إلى تحوّل هذه الروابط نحو مصر. ويكمّل كتاب العمري بكتاب ملاحظ مباشر للواقع السوداني والمغربي هو ابن بطوطة.
على أنه لا بد من الرجوع إلى الجغرافيين الأقل أهمية ومصنفي الرحلات المتعددين ونذكر منهم الزّهري (القرن الثاني عشر). وياقوت والدمشقي (القرن الرابع عشر) ، والجغرافيا المنعوتة «بالمظفرية» Mozhafferienne وابن جبير ، والبغدادي ، والعبدري ، والتيجاني ، والبلوي ، والحميري.
ج ـ مصادر ذات روح دينية وأدبية : تتأتى المصادر الدينية من آفاق متنوعة ، نذكر منها كتب الطبقات والسير السنية والخارجية والطرقية وحتى المسيحية (المتأتية من المجموعة القبطية). ونذكر أيضا مصادر الكنائس الأثيوبية التي نقلت في حواشيها وثائق رسمية.
وتبدو كل هذه الكتابات مفيدة ، ليس فقط لمعرفة تطوّر الشعور الديني والعالم الديني ، وإنما أيضا لمعرفة العالم الاجتماعي ، فكتاب الرياض للمالكي مثلا أو كتاب المدارك لعياض يوجد بهما الكثير من الإشارات السوسيولوجية المتفرقة أثناء العرض. ونعرف أن المصادر الخارجية هي أساسية بالنسبة إلى كامل المنطقة الصحراوية لبلاد المغرب ، منطقة الاتصال مع العالم الأسود. وأبرز الممثلين لهذه المصادر هم الوسياني ، والدّرجيني ، وأبو زكرياء ، وحتى الشماخي وهو مؤلّف