متأخر. وأخيرا توضّح المادة المصدرية باللغة العربية والقبطية والتي أنتجتها الكنيسة المحلية في مصر الوسيطية ، العلاقات بين الكنائس والعلاقات بين التراتبية الكنسية والدولة (١). وكانت المصادر الأدبية تحديدا متعددة بالنسبة إلى هذه الفترة وهي تكاد تقتصر في اهتمامها على بلاد المغرب ومصر. ولا بدّ من إعطاء مكانة على حدة في هذا الصنف لكتاب رأس العين للقاضي الفاضل وخاصّة لمعجم الصفدي الوافي بالوفيات.
هكذا تبدو وثائقنا فيما يتعلّق بالعصر الإسلامي الثاني غزيرة ومتنوعة وذات نوعية جيدة بصفة عامة وهو ما يتناقض مع الفترة السابقة في إفريقية الإسلامية تحديدا. وتلقي هذه الكتابات ضوءا ساطعا على تسيير المؤسّسات وحركة التاريخ العميق ، فهي لا تكتفي بمجرد رسم الإطار السياسي. فيما يتعلق بإفريقية السوداء يمثل القرن الرابع عشر أوج معرفتنا في انتظار أن تخوّل لنا الوثائق الأوروبية والوثائق الأهلية تعميق هذه المعرفة وتوسيع حقل اهتمامها إلى مناطق بقيت إلى حد الآن في الظل.
خاتمة
من الخطأ الاعتقاد أن حالة المصادر المكتوبة في القارة الإفريقية قبل القرن الخامس عشر كانت بدرجة الفقر المؤدّي إلى اليأس ، لكن حقيقي أنّ في الجملة كانت إفريقية أقل حظا من أوروبا وآسيا.
فإذا كان قسم كبير من القارة يفتقد تماما إلى المصادر المكتوبة ، فإن المعرفة التاريخية بالنسبة إلى القسم الباقي ممكنة وترتكز ـ بالنسبة إلى
__________________
(١) مؤلفات آباء الكنيسة الشرقيةPatrologie Orientale ، وهي مجموعة أساسية ، ومن بين المؤلفات التي تعنينا نذكر مؤلفات سيفار الإسكندري Severe d\'Alexandrie (القرن الأوّل) وابن مفرح (القرن الحادي عشر) المهمة بالنسبة إلى أثيوبيا ؛ وكتاب سير الآباء البطارقة ؛ انظر أيضا ميشال السوري Michel Le Syrien ، وقد نشره وترجمه شابوChabot ، ٣ مجلدات ، ١٨٩٩ ـ ١٩١٠.