جيشين صاعدين يعدّ كل منهما ٦٠٠٠ رجل أعطى قيادتهما لابني الكاهنة. وهكذا احتمى من عنف البربر باستخدامه.
ومن هنا ، وقع فضلا على ذلك استعادة عادة قديمة تتمثل في جعل الفرسان النّوميديّين مساعدين قيّمين للحكام الذين تتالوا على إفريقية : قرطاجنيّين ورومان والآن العرب. بمرورهم بعنف من الثورة إلى التحالف ، اتّضح أن البربر النّوميديّين كانوا عسكريا الأكثر ديناميكية في إثنيّتهم ليساهموا في التوسع في باقي بلاد المغرب وإسبانيا ويفتحوا لأنفسهم في حماية عدوّ الأمس ، مكانا تحت الشمس على أنقاض وطنهم المدمّر.
خاتمة
خضعت إذن إفريقية البروقنصلية وبلاد مزاق ونوميديا لسيطرة العرب بعد أكثر من نصف قرن من المقاومة الشرسة. وتسلّلت ، بالتأكيد ، بعد خروج حسّان (٨٤ / ٧٠٣) ، بعض حركات المقاومة في البر وقنصلية ، ولكن طاقة موسى بن نصير العنيفة وهو الذي سمّي واليا في هذا التاريخ قضت عليها بسرعة. فأخذ موسى بالتعاقب زغوان ، ثم أخضع سكّان سجوم الذين عاقبهم عقابا قاسيا إجلالا لذكرى عقبة ، فكانت هذه آخر انتفاضات إفريقية القديمة ، وفي الوقت الذي كان فيه موسى يجمّع رجاله لهجوم سريع ومربح في الموريطانيات ، كانت الفتن قد أخمدت في كامل إفريقية.
لقد كان الفتح العربي لإفريقية إذن عمل حسّان بن النعمان خاصة ، بالرّغم من إخفاقاته الأولى ، وكانت قيادة مشروعه الأكثر جديّة والأكثر قطعيّة. ولكن هذا المشروع لم يكن سوى عمل مدمج في مشروع عسكري وبشري ومالي طويل وعنيد. يعني أن البلاد شعرت وكأنّ الفتح محنة تركتها تنزف لأنها لم تنج لا من الرعب ولا من التدمير المادّي والنّهب. لقد دفعت إفريقية غاليا ثمن مقاومتها بعد أن استسلمت لغالبها. وسيعود حسّان إلى المشرق بكميّات من الذّهب والأحجار الكريمة