والخيول والعبيد وهو ما سيثير بعده طمع ابن نصير وجشع المروانيّين الذين سيفرغون أكثر إفريقية من ثرواتها. ومع ذلك فما لحق إفريقية هو أقل ممّا لحق بقيّة بلاد المغرب التي ستفرض عليها شروط غاية في القسوة. على أن عالما ما لا يموت دون ألم ولا قبل أن يعطي الحياة لتنظيم آخر للحياة البشرية يتضمّن إيديولوجية قوية. ولا يمكننا ـ مع ذلك ـ المرور بصمت على عظمة المقاومة البربرية التي واجهت بمفردها تقريبا وبوسائل بدائية ومحدودة جيشا يمتلك موارد إمبراطورية شاسعة. لقد اهتم التاريخ الغربي إلى حد الآن ، بالموت المفاجئ للحضارة الرومانية البيزنطية خاصة ليرثيها بصفة عامّة. في الحقيقة ما يبدو لنا جديرا أكثر بالاهتمام هو هذه المقاومة البربرية ، الفوضوية والبطولية وهي دفاع بسيط عن الحياة والحرية ، وهذا أهم ما يتشبّث به الإنسان لمواجهة شناعة منطق حرب التوسع. ولكن سيمّحي سريعا طابع النفي والمأساوية لنفس هذا التوسع أمام وعوده وإنجازاته التي كان من أهمّها قطعا ولادة بلاد المغرب في التاريخ والحضارة عن طريق الإسلام.