ما زالت الدراسة التاريخية لإفريقية خلال الفتح العربي في حاجة للكتابة بأكملها. فرغم النقص الفادح في التوثيق وطابعه المتأخر والمشكوك فيه فإننا نعتقد أن هذه المهمّة ممكنة.
إن المسعى الذي فرض نفسه عند الشروع في دراسة تحليلية للمؤسسات هو الأخذ بالجانب المتعلّق بالإرث القديم لبيزنطة أساسا ، ثم متابعة الإضافات العربية مع محاولة توضيح مدى سيطرة هذا العامل على الآخر مع إبراز التداخل بينهما عند الاقتضاء.
هناك اتجاهات أخرى يمكن أن تتوفر في مثل هذا البحث : الوضع القانوني لمقاطعة إفريقية وجغرافيتها التاريخية وعلاقتها بالإدارة المركزية أي بالخلافة. وأخيرا ، فإن دراسة هيكلية لسير المؤسسات تمثّل في حدّ ذاتها أهمية كبيرة ، وذلك بعيدا عن كل اهتمام بالتبعية وعن البحث عن حجم الماضي وثقله ، وما تلاه من أحداث فرضها الفعل الإسلامي.
الوضع القانوني ـ الإداري
منذ متى صارت إفريقية أرض جهاد تطالب بها قوّة خارجية؟ وانطلاقا من أي تاريخ تخلّصت من وصاية ولاية مصر لتصبح مقاطعة تتمتع بكامل الحقوق؟ هنا تكمن إشكالية الوضعية القانونية والإدارية لإفريقية. فيكون من الأيسر لو استطعنا الكشف عن العلاقة الوثيقة بين النهاية الفعلية للفتح وقيام ولاية إفريقية ، وكذلك ما إذا كانت هذه الولاية" عادية" تابعة للسلطة المركزية بدمشق؟ غير أن الوضع لم يكن كذلك. بلغة أخرى ليس من الأكيد أن العرب كانوا قبل نهاية الفتح يعتبرون إفريقية قانونيا ولايةde jure عربية ، على الأقل من وجهة نظرهم وخاصة في أوقات توهّم فيها العرب أن حصولهم عليها كان نهائيا. وبالتالي يبدو