عسيرا موافقة النويري (١) ومن بعده حسين مؤنس (٢) عند ما يقبلان بأن معاوية بن حديج كان واليا على مقاطعة ممأسسة حتى ولو كانت تابعة لمقاطعة أخرى وهي مصر.
واضح أنه لم يكن من الممكن في سنة ٤٥ هجري وبعد ١٨ سنة من عودة حملة ابن سعد أن يؤسّس العرب ولاية بالمعنى الإداري للكلمة في إفريقية ، وذلك مهما كان نجاح عملية بن حديج خاصة أنها كانت محدودة بالفعل.
كذلك هل من المعقول القبول بأن إفريقية كانت في ٤٥ هجري أرضا للغزو ومجالا ضبابيا للجهاد على غرار ما يراه ابن عبد الحكم حيث يقول" ثم إن معاوية بن حديج بعد عبد الله بن سعد خرج إلى المغرب" بمعنى خرج للغزو ، ويضيف ابن عبد الحكم في ذات السياق «غزا معاوية بن حديج إفريقية ثلاث غزوات» (٣). فلا بدّ في هذا الصدد من إيلاء أهمية للدور الذي لعبه مسلمة بن مخلد ، والي مصر في قيام ولاية إفريقية ، وكذلك تأكيد صلات تبعيّتها لمصر وهما شأنان لا يتناقضان بالضرورة.
فمثلما تؤكده المصادر (٤) بالإجماع ، لقد جمع معاوية بن أبي سفيان لمسلمة مصر والمغرب سنة ٤٧ / ٦٦٧ ، ويعني ذلك أن هذا الأخير تحصّل على هذه الوضعية القانونية للولاية فكان أوّل من نالت معه المقاطعة هذا اللّقب. لكن في هذا السياق أيضا تبقى المسألة غير ثابتة ومضطربة ، فحتى لو نعتنا العرب باللّاواقعية فسيكون من العسير القبول
__________________
(١) النويري ، نهاية الإرب ، من خلال ترجمة سلان De Slane ، تاريخ البربر ، الطبعة الثانية ، باريس ١٩٢٥ ، ج ١ ، ص ٣٢٤.
(٢) حسين مؤنس ، فتح العرب للمغرب ، القاهرة ١٩٤٧ ، ص ١١١.
(٣) ابن عبد الحكم ، فتوح مصر والمغرب ، طبعة عامر ، القاهرة ١٩٦١ ، ص ٢٦٠ ـ ٢٦١.
(٤) الكندي ، كتاب ولاة مصر ، بيروت ١٩٥٩ ، ج ١ ، ص ٦١ ، يصرّح بأنه : «اجتمعت لمعاوية الصلاة والخراج في المغرب» ؛ ابن عبد الحكم ، فتوح ... ص ٢٦٥ : «كان مسلمة أول من اجتمع له مصر والمغرب».