وهذا شأن معاوية بن حديج أحد قادة العثمانية بمصر (١) ، وعقبة بن نافع (٢) ، وزهير بن قيس البلوي (٣) ، وكذلك موسى بن نصير ، وكان موسى قد خدم عبد العزيز قبل حلوله بإفريقية (٤). هناك استثناء وحيد يخصّ حسّان بن النعمان أصيل بلاد الشام ، والذي تمّت دعوته لمركز الخلافة ليتولى قيادات أخرى (٥).
غير أنه لم يحصل رفض على ما يبدو لأوامر الخليفة لانتداب جند مصر واتخاذ كنوزها للقيام بالحملات في إفريقية (٦). فمكانتها بالنسبة للمقاطعة الأم أي مصر لا تختلف مع نظيراتها خراسان أو المجالات الفارسية الأخرى بالنسبة للبصرة والكوفة. وهكذا كانت بين ٢٧ و ٥٥ للهجرة أرض جهاد ثم ولاية عادية بداية من آخر تاريخ ذكرناه. وفي تينك الحالتين ستعرف إفريقية إشراف الفسطاط بدون انقطاع ، وهي وضعية قانونية كانت دائما مقبولة من طرف الخلفاء.
تتفق كل المصادر كما ورد سابقا على أن مسلمة كان الأول الذي جمع له الخليفة مصر والمغرب. وهذا لا يعني أن الإقليمين كانا منفصلين. لكنّ الأمر يتعلّق باعتراف ضمني بإشراف والي مصر على إفريقية في فترة بدأ فيها الحضور العربي يتشكّل بشكل واضح (٤٧ هجري).
قد يكون الخليفة أراد هذا الوضع بوعي منه ، ولعلّ الدليل على
__________________
(١) الطبري ، التاريخ ، الطبعة الجديدة ، القاهرة ١٩٦٣ ، ج ٥ ، ص ٩٩ ـ ١٠٥ ؛ ابن عبد الحكم ، م. س ، ص ١٣٧ و ١٦٨.
(٢) ابن عبد الحكم ، م. س ، ص ١٣٥ و ١٥٦.
(٣) الكندي ، ولاة ، م. س ، ص ٦٥ ـ ٦٦. يعلمنا أنه كان يقود الجيش الزبيري في بوساق حيث هزمه عبد العزيز بن مروان.
(٤) م. ن ، ص ٦٩.
(٥) ابن عساكر ، التاريخ الكبير ، دمشق ١٣٣٢ ه ، ج ٦ ، ١٤٦ ـ ١٤٧. هذا المصدر يحظى بمصداقية كبيرة في كل ما يهمّ الشام حتى بالنسبة للفترات المبكرة ، إذ ينقل عن مصادر قديمة.
(٦) ابن العذاري ، البيان ، م. س ، ص ٣٤.