المقاطعتين تحتلّان في نظرهم نفس الدرجة في الهرم الإمبراطوري.
وفي سياق نفس الأفكار ، صحيح أن المغرب ليس ولاية مركزية في الإمبراطورية ، ولم يعرف على رأسه أمراء من الدولتين ولكن ـ وهذا ليس أقلّ صحّة من الرأي الأوّل ـ قد تمّ مع الأمويين كما مع العبّاسيين تعيين شخصيات مهمّة ، من بينهم ـ على غرار ما رأيناه ـ من أدار شؤون مصر ، كما هناك آخرون برزوا في الشرق في أرقى المهام. في هذه الدرجة الأخيرة يمكن أن نصنّف يزيد بن أبي مسلم أخ الحجّاج من الرضاع الذي أدار في العراق ديوان الرسائل ، كما كلّف سنة ٩٥ ه بمراقبة خراج نفس الولاية (١) ، وهي مهام ذات بال. يمكن أن نذكر أيضا عمر بن حفص المهلّبي الملقب بالهرمزان والذي تميّز في كثير من المقاطعات في الشرق وكان قد منحه المنصور إدارة ضخمة (٢). ويضاف للقائمة في نهاية الفترة التي تهمّنا هرثمة ابن أعين أحد أصحاب الجاه الكبير في بلاط بغداد (٣). وليس هناك ما من شأنه أن يقدّم لنا فكرة واضحة على أهمية الولاية أكثر من ملاحظة الحجم الضخم للمساحات التي استطاعت في بعض الأوقات أن تكون تحت مراقبتها. وهذا المعطى يدفعنا لفحص هيئتها وحدودها الجغرافية.
الجغرافية التاريخية
حول أصل لفظة إفريقية التي تعتمد غالبا لتقديم المقاطعة (٤) ، لا يتسرّب أي شك بأنها تنحدر عن اللاتينية أفريكاAfrica ، وذلك رغم كل الجهود الغبية أو اللّاواعية للنسابين والإخباريين العرب الذين حاولوا
__________________
(١) الجهشياري ، الوزراء والكتّاب ، م. س ، ص ٤٢.
(٢) البلاذري ، فتوح ، م. س ، ص ٢٣٤.
(٣) الجهشياري ، م. س ، ص ٢٠٧ ، بصفة خاصة رئيس الحرس.
(٤) ابن عبد الحكم ، م. س ، ص ٢٨٧ ، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، وما بعدها ؛ البلاذري ، فتوح ، ص ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، وما بعدها ؛ ابن العذاري ، البيان ، م. س ، ص ٤٨ ـ ٤٩ ـ ٥٠ ـ ٥٧ ، وما بعدها.