لكن تبقى نفس الضبابية أولا بسبب النوائب المختلفة التي عرفتها الولاية والتي ضخّمت ثم قلّصت مجالها ، وخاصة لأن البقايا الجغرافية استمرت ماثلة أمام العيان. لذلك ألا تمثّل جغرافية إفريقية قبل كل شيء البروقنصلية القديمة وبيزاسان القديمة مع إضافة بقايا نوميديا وطرابلس؟ وكذلك فمفهوم المغرب قد يشير إلى كل الرقعة الغربية ابتداء من طرابلس ، وهذا معنى فضائي ، وقد يتماهى مع مفهوم إفريقية من الوجهة المؤسساتية لا من الوجهة الجغرافية (والي إفريقية وال على كل المغرب) ، وأخيرا فعند الانطلاق في اتجاه الغرب حيث تنتهي إفريقية ، يتم التعبير بالاستعمال الشائع" إفريقية والمغرب" حيث يظهر هذا التركيب كتعريف إضافي.
أما في بعض الحالات النادرة عند ما يعوّض هذا الاستعمال لفظة إفريقية سواء تحت الشكل البسيط ونعني به المغرب (١) ، أو تحت شكل أكثر تضخيما بذكر" المغرب كلّه" (٢) ، تبرز في هذا الصدد بصفة خاصة النبرة القانونية التي تثير ضخامة ولاية الغرب الإسلامي متضمّنة كذلك إسبانيا.
ودائما يجوز أن ننتبه في هذا التحليل السريع لمخطّطات متتالية لا يمكن تجاهلها. كذلك الحال بالنسبة للجزئيات التوبونيمية (تسمية البلدان) ، سواء في مستوى المناطق أو في مستوى المدن والأماكن المعروفة بتسمياتها الخاصة. من ذلك أنطابلس (برقة) وطرابلس ، وإطرابلس (٣). كذلك قرطاجنّة ، بالنسبة لتونس (وهي قديما توناس
__________________
ووكر ، الفهرس العربي ـ البيزنطي والإصلاحات الرومانية المتأخرة ، لندن ١٩٥٦ ، ص ص ٧٠ ـ ٧١ ، يقدّم الكتابة الموالية باللاتينية : in nomine domini misericordis solidus feritus in Africa Indictioni VII سنة ٩٠ ـ ٩١ ه و ٩٩. بالنسبة للسنوات ١٠٢ ، ١٠٣ ، ١٠٤ وغيرها نجد الدنانير بالعربية مضروبة بإفريقية.
(١) ابن عبد الحكم ، فتوح ، م. س ، ص ٢٦٠ ـ ٢٦١ ـ ٢٦٢ ـ ٢٦٥ وغيرها.
(٢) البيان ، م. س ، ص ص ٤٧ ـ ٥٠ ؛ سعد زغلول ، تاريخ المغرب العربي ، القاهرة ، ١٩٦٥ ، ص ص ٣ ـ ١٣.
(٣) كان ياقوت واعيا بالأصل الإغريقي للكلمة. انظر : معجم البلدان ، ج ٤ ، (طبعة بيروت) ص ٢٥ ، وكنّا قد أشرنا إلى أن طرابلس تعني المدن الثلاثة.