بأوامرها غاليا ، وغاليا جدا.
ومن هنا : فإننا لا نفاجأ إذا رأينا المسلمين يصرون على الاحتفاظ بزمام المبادرة ، وعلى الهيمنة العسكرية على المنطقة.
وكان لا بد لأبي سفيان من الاحتفاظ بماء الوجه ، ولو شكليا ، ولكنه فشل في ذلك ، حتى اضطر إلى أن يتراجع ، ويخلف في وعده ، متذرعا بما لا يخفى على أحد وهنه وعدم واقعيته. حتى إن أهالي مكة أنفسهم كانوا يتندرون بما حدث ، ويسمون جيشهم المهزوم روحيا ونفسيا ، بأنهم جيش السويق ، أي أنهم خرجوا لشرب السويق في الطريق ، لا للحرب ، والقتال.
ولو كان العام عام جدب فعلا ، فلماذا خرج أبو سفيان بهذا الجيش الكثيف من مكة؟ ألم يكن يدري حين جهز جيشه بهذا الجدب الذي زعمه ، ثم اكتشفه بعد أن قطع مسافة من الطريق ، وبلغ إلى مجنّة من ناحية مرّ الظهران؟!.
الإنتظار ثمانية أيام :
وإذا كانت بدر تستضيف الكثيرين الذين يأتونها من مناطق مختلفة ، لأجل السوق ؛ فإن حضور المسلمين في هذا السوق على هذه الصورة الملفتة والمثيرة ، لسوف يكون له تأثيره القوي على الناس الذين يعيشون في المناطق على اختلافها. خصوصا إذا لاحظ الناس هذا الإصرار من المسلمين على لقاء عدوهم ، حتى إنهم لينتظرون ثمانية أيام ، ثم يتخلف عدوهم عن الحضور ، رغم أنه كان هو الطالب والراغب بمناجزة المسلمين وقتالهم في هذا الموضع.