وسيأتي : أنه لما سمن حافره ، وانتقل إلى أرضه أغار على لقاح (١) رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بالغابة ..
حكومة القيم ، أم حكومة المشاعر؟!
وغني عن القول هنا : إن عيينة بن حصن كان لا يزال هو ومن معه على الشرك والكفر ، الذي كان يناوئ الدعوة الإسلامية بكل الوسائل.
ولم يكن النبي «صلىاللهعليهوآله» حين سمح له بما سمح يطمع في الحصول على أي نفع من قبله ، فلم يكن يريد في مقابل ذلك مالا ، ولا كان يريد منه أن ينصره على عدوه ، ويتقوى به على مناوئيه ، لا في مال ، ولا رجال.
كما أن عيينة لم يكن يملك قوة خارقة للعادة ، بحيث يخشاه النبي «صلىاللهعليهوآله» وينصاع لما يطلبه منه.
كما أننا نلاحظ : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يحاول استغلال حاجة عيينة ومن معه ، ليفرض عليهم شروطا ، ويحصل على امتيازات سياسية ، أو مادية ، أو غير ذلك. بل هو لم يطلب حتى السماح لدعاته بأن يطرحوا مع الناس هناك قضية الإسلام والإيمان ، فضلا عما هو أبعد من ذلك.
بل تصرف النبي «صلىاللهعليهوآله» على أساس ما لديه من مثل وقيم ، وقناعات ومنطلقات إيمانية وإنسانية ، ومن ثوابت أخلاقية ودينية.
فالنبي «صلىاللهعليهوآله» يرى أن الحرب إنما تهدف إلى منع قوى
__________________
(١) اللقاح : النياق الحلوب الغزيرة اللبن.