غزوة الخندق في زمن الحصاد :
وذكرت النصوص الآنفة الذكر : أن الأحزاب قدموا المدينة في زمان حصد الناس زرعهم قبله بشهر ، وأدخلوا حصادهم وأتبانهم.
وكانت غطفان ترسل خيلها في أثر الحصاد ـ وكان خيل غطفان ثلاث مئة ـ فيمسك ذلك من خيلهم. لكن إبلهم كادت تهلك من الهزال ، وكانت المدينة ليالي قدموا جديبة (١).
ومن جهة ثانية : فإن غزوة بني قريظة كانت بعد الخندق مباشرة.
ويذكر الزهري : أن أبا لبابة الذي خان الله ورسوله فيها ، قد ارتبط في المسجد في حر شديد (٢) وكان يوما صائفا (٣).
ومعنى ذلك هو : أن الأحزاب قد قدموا المدينة في أواسط فصل الصيف ، أو أواخره ، لأن الحصاد يكون عادة في أوائل فصل الصيف لا سيما في بلاد الحجاز المتميزة بشدة الحر فيها.
وهذا يلقي ظلالا من الشك على ما يزعمونه من أن غزوة الخندق كانت «في أيام شاتية» (٤) أو «في برد شديد» (٥) أو «في زمن شات ، وليال باردة
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٤ والإمتاع ج ١ ص ٢١٩ وسبل الهدى والرشاد وغير ذلك من مصادر تقدمت.
(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٧.
(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥١٤.
(٤) تاريخ ابن الوردي ج ١ ص ١٦٢.
(٥) الجامع للقيرواني ص ٢٨١ وراجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٨٤ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٩٥ و ٩٦ عن البخاري.