الأحزاب من الخندق كان في الخريف.
وأما بناء على ما ذكره الآخرون ، فإن من الواضح : أنهم يذكرون : أن الأحزاب قد انصرفوا في ليلة باردة شاتية ، وأن انصرافهم كان في أواخر ذي الحجة ، أي في أواخر شهر أيار.
ومن الواضح : أن الجو في الحجاز ، وفي المدينة لا يكون في هذا الوقت باردا ولا شاتيا فضلا عما يذكرونه من برد كان يقاسيه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وهم يحفرون الخندق ـ كما سيأتي ـ في شوال أو في ذي القعدة. فإن الجو في المدينة يكون في هذه الأيام في أعدل أحواله ، كما هو معلوم من حال منطقة الحجاز لكل أحد.
مشاركة الحارث بن عوف في الخندق :
قد ذكرت النصوص المتقدمة : أن الحارث بن عوف قد شارك في حرب الخندق. ولكن قد روى الزهري ، وكذلك بنو مرة خلاف ذلك ، فذكروا : أنه لما أجمعت غطفان على السير أبى الحارث بن عوف المسير ، وقال لقومه :
«تفرقوا في بلادكم ، ولا تسيروا إلى محمد ، فإني أرى أن محمدا أمره ظاهر. ولو ناوأه من بين المشرق والمغرب ؛ لكانت له العاقبة ؛ فتفرقوا في بلادهم ، ولم يحضر واحد منهم» (١).
وفي نص آخر : أنه قال لعيينة بن حصن ، ولقومه من غطفان : «يا قوم أطيعوني ، ودعوا قتال هذا الرجل ، وخلوا بينه وبين عدوه من العرب»
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٣ وراجع : الإكتفاء ج ٢ ص ١٥٩.