مآسي الحروب وسلبياتها على جميع الأصعدة ، وفي مختلف الاتجاهات ، وإعطاء الناس الفرصة لبناء حياتهم بناء سليما ، ثم الإعداد لمستقبلهم ، في ظلال من السلام والأمن ، وفراغ البال واطمئنان الخاطر.
كما إنهم قد أخفوا ما يضمرونه من الطموح إلى تحقيق مكاسب سياسية ، وامتيازات على صعيد النفوذ والهيمنة على المنطقة ، أو فيما هو أوسع منها.
ولم يعترفوا أيضا : أن مصالحهم الدنيوية ، وما فيها من أموال وتجارات ومواقع ومناصب ولذائذ ، لها دور في اندفاعهم إلى حرب محمد ومن معه ، لظنهم أنهم سوف يخسرون الكثير مما سيتأثرون به لأنفسهم على حساب غيرهم من الناس المستضعفين والمحرومين.
بل غاية ما صرّحوا به : هو أن دافعهم ليس إلا الأحقاد والضغائن ، والعداوات الباطلة ، والبغي والحسد ، بل لا مبرر ظاهر سوى أنهم لا يريدون لهؤلاء الناس أن يقولوا : ربنا الله ، وليس ربنا الحجارة ، ولا يريدون أن يتخذوا الطواغيت أربابا من دون الله.
وصدق الله تعالى حيث يقول : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ..) (١).
يريدون ليطفئوا نور الله سبحانه :
قد عرفنا : أن اليهود إنما قدموا مكة ليتحالفوا ويتعاقدوا مع المشركين
__________________
(١) الآية ٨٢ من سورة المائدة.