ويشعر بالاحترام والتقدير تجاه من يحسن جواره وكذلك تجاه من يتعامل معه بطريقة أخلاقية وإنسانية ، حتى ولو كان يختلف معه في الرأي ، وفي العقيدة والدين.
فإذا أراد أن يكون له موقف يختلف عن هذا ، فلا بد أن يتناقض أولا مع نفسه ، ويقوم صراع حاد مع تلك الخصائص النبيلة ، ولن يكون قادرا على اتخاذ ذلك الموقف إلا بعد أن يتم التغلب عليها وقهرها.
وتختلف صعوبة اتخاذ القرار ، والموقف هذا باختلاف درجات البشاعة والشين فيه ، إلا إذا فرض : أن تلك المعاني الإنسانية قد تناهى بها الضعف ، بسبب ممارسات سابقة ، حتى بلغت درجة فقدت معها تأثيرها وفاعليتها. وأصبح الإنسان بذلك على درجة كبيرة من الصلف واللامبالاة ، والوقاحة ، وتحول إلى مجرم محترف ، لا يبالي أي شيء يرتكب ويقترف ، كما كان الحال بالنسبة لعيينة بن حصن ، الذي هو موضع البحث.
وأخيرا : فإن عيينة بن حصن هذا هو الذي يروى أن النبي «صلىاللهعليهوآله» وصفه بالأحمق المطاع ، وكان من المؤلفة قلوبهم ، وقد ارتد عن الإسلام بعد ذلك ، وقاتل تحت قيادة طليحة بن خويلد الذي ادّعى النبوة. فلتراجع ترجمته في كتب الرجال والتراجم.
شك المشركين :
والملفت للنظر هنا : أننا نجد المشركين يشكون في صحة ما هم عليه ، كما أن طلب أبي سفيان من اليهود تصديق ما هم عليه يشير إلى طغيان هذه الشكوك إلى درجة كبيرة حتى احتاجوا إلى تسكينها وطمأنة الناس وتثبيتهم.