بل إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد كتب في رسالته الجوابية لأبي سفيان : «وأما قولك من علّمنا الذي صنعنا من الخندق ، فإن الله ألهمني ذلك» (١).
وكل ذلك يجعلنا نميل إلى أن كلام الواقدي قد جاء أكثر دقة في هذا المجال. وهو يفسر لنا السر في كلام ابن إسحاق من جهة ، وكلام غيره المقابل له من جهة أخرى.
أما أولئك الذين ظهر منهم التردد في ذلك فلعلهم لم يقفوا على كلام الواقدي ، ولم يتمكنوا من الجمع بين كلام ابن إسحاق وهو الحجة الثبت في السيرة ، وبين كلام غيره.
وعي سلمان :
ولا نخفي هنا إعجابنا بهذا الوعي من سلمان المحمدي ، حيث بادر في الوقت المناسب إلى تقديم تبرير لأولئك الناس الذين اختلفوا على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، يتوافق مع طريقة تفكيرهم ، حيث قرر لهم : أن الخندق المقترح من شأنه أن يحد من فاعلية الخيل في الحرب ، ويدفع غائلتها ، ويصبح الجهد الشخصي للأفراد هو الذي يقرر مصير الحرب ونتائجها.
فكان أن استجاب المسلمون لاقتراح حفر الخندق ، وأعلنوا موافقتهم عليه ، وتحملوا مسؤولية الخيار والاختيار ، وهذا بالذات هو ما أراده الرسول الأكرم «صلىاللهعليهوآله».
__________________
(١) الإمتاع ج ١ ص ٢٤٠ وخاتم النبيين ج ٢ ص ٩٤٢.