لو كان الخندق بإشارة سلمان :
وقد رأينا : أن عددا من المؤرخين قد زعم أن الخندق حفر بإشارة سلمان ، وإن كنا نرجح : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» هو الذي بادر إلى اقتراحه فاختلف المسلمون ، فكان دور سلمان أن بيّن لهم وجه الحكمة في ذلك ، حسبما تقدم بيانه عن الواقدي ..
ومهما يكن من أمر فقد ظهر : أن المشركين قد فوجئوا بالخندق وقالوا عنه : إن هذه المكيدة ما كانت العرب تكيدها (١) ، ولعل الأنظار قد اتجهت إلى سلمان الفارسي منذئذ.
وسواء أكان ذلك بمشورة سلمان أم لم يكن فإن ما نريد أن نؤكد عليه هو أن الإسلام لا يمنع من الاستفادة من تجارب الآخرين ومن خبراتهم في المجالات الحياتية البناءة ، فقد روي : أن «الحكمة ضالة المؤمن ، فاطلبوها ولو عند المشرك تكونوا أحق بها وأهلها» وفي معناه غيره (٢).
نعم .. إن المؤمن أحق بالحكمة من غيره ، ما دام أن ذلك الغير قد يستفيد منها لتقوية انحرافه ، وتأكيد موقعه المناوئ للحق وللأصالة والفطرة.
وقد رأينا : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أطلق الصناع وأصحاب
__________________
(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٣٠.
(٢) أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٢٣٨ وتحف العقول ص ١٣٨ و ٢٩٢ وغرر الحكم ج ١ ص ٣٩٤ والبحار ج ٧٥ ص ٣٤ و ٣٨ و ٣٠٧ وج ٢ ص ١٧ و ٩٦ و ٩٧ ومواضع أخرى منه. وراجع : دستور معالم الحكم ص ١٩ والمجروحون ج ١ ص ١٠٥ والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٤٨.