استفاد ذلك من بيئته وقومه ، الذين ما كانوا على طريقة الإسلام ولا على دين الحنيفية ، فلا ضير ولا غضاضة في قبول مشورته. بل الغضاضة في ترك العمل بتلك المشورة إذا كانت موافقة للصواب ويتسبب الإعراض عنها بوقوع المسلمين في مأزق ، وهم في غنى عنه ولا مبرر للوقوع فيه. مع وجود مخرج ليس في العمل به حرج ولا تنشأ عنه أية سلبيات يرغب عنها.
طريقة استشارته صلىاللهعليهوآله أصحابه :
هذا ، ولا نرى أننا بحاجة إلى التذكير بمبررات مشاورة النبي «صلىاللهعليهوآله» أصحابه ، في أمر الحرب ، فقد تحدثنا عن ذلك ، وعن أسبابه وآثاره الإيجابية في أوائل غزوة أحد.
غير أننا نشير هنا : إلى أننا نلمح في طريقة مشاورة النبي «صلىاللهعليهوآله» لأصحابه خصوصيتين رائعتين تجلتا لنا في النص الذي ذكره الواقدي.
إحداهما : أنه «صلىاللهعليهوآله» هو الذي بادر إلى اقتراح حفر الخندق ثم انتظر مبادرة سلمان الإقناعية ، متعمدا أن تسير الأمور بهذه الطريقة ، سياسة منه «صلىاللهعليهوآله» لأصحابه ، وترويضا لعقولهم ، وإعدادا لهم ليبادروا إلى تحمل المسؤولية ، ولغير ذلك من أمور.
الثانية : أنه «صلىاللهعليهوآله» في نفس الوقت الذي يمارس فيه أسلوب المشاورة بهدف تحسيس أصحابه بالمسؤولية وإفهامهم ـ عملا ، لا قولا فقط ـ أنهم الجزء الحركي والفاعل والمؤثر حتى على مستوى التخطيط ، والقرارات المصيرية ، وأن القضية قضيتهم ، بما يعنيه ذلك كله من ارتفاع ملموس في مستوى وعيهم وتفكيرهم السياسي ، والعسكري ، وغير ذلك من أمور كانت