وذكروا أيضا : أنه قد «بلغ طول الخندق نحوا من خمس آلاف ذراع وعرضه تسعة أذرع ، وعمقه سبعة أذرع» (١).
الموقع الجغرافي للخندق :
ونحن إذا راجعنا الواقع الجغرافي للمدينة ، فإنه يتضح : أن الخندق قد ضرب على المدينة في مواقع من الجهة الغربية والشمالية أما الجهة الشرقية والجنوبية فقد شبكت بالبنيان ، ولم يخندق المسلمون عليها.
ولعل ذلك يرجع إلى أن المواقع التي تستوعب ألوف الفرسان ، وتصلح أن تكون ساحة حرب ونزال هي المنطقة الواقعة بالقرب من ثنيات الوداع شمال غرب المدينة حتى تنتهي بجبل أحد. وهي منطقة واسعة ومسطحة ومكشوفة ، وليست فيها عراقيل مهمة ، وهي المنطقة التي حفر الخندق فيها.
أما سائر المناطق حول المدينة فلم تكن تصح لذلك ، ولا سيما بالنسبة لجيوش كبيرة تعد بالألوف ، من فرسان ورجالة ، بالإضافة إلى ما يتبع هذه الجيوش من دواب وخيول تحمل أزوادهم وأمتعتهم ، وتحمل الرجالة منهم أيضا في سفرهم الطويل.
ذلك لأن سائر المناطق حول المدينة كان فيها من الجبال والأودية ، ومن التضاريس والأشجار والحجارة ما يحد من قدرة تلك الجيوش الغازية على الحركة الفاعلة ، والمؤثرة ، ويفقدها الكثير من الامتيازات الحربية ، ويحرمها من الاحتفاظ بزمام المبادرة ، ويفوّت عليها نصرا تطمع إلى تحقيقه.
__________________
(١) الرسول العربي وفن الحرب لمصطفى طلاس ص ٢٤٠ و ٢٤١ والسيرة النبوية للندوي ص ٢٨١.