شدائد ومتاعب :
إن من الواضح : أن حفر خندق بهذا الحجم حول مدينة كبيرة ، ليس بالأمر السهل ، ولا سيما بالنسبة لأناس لم يقوموا بعمل ضخم طيلة حياتهم ، خصوصا مع بدائية الوسائل ومحدوديتها ، حتى اضطروا لاستعارة بعضها من يهود قريظة ، كما سنرى. هذا بالإضافة إلى انقطاع المسلمين عن العمل في سبيل لقمة العيش ، فانقطعت موارد أرزاقهم فكان من الطبيعي أن يعاني المسلمون من هذا الأمر من متاعب كبيرة ، وشدائد لا تطاق ، وذلك من ناحيتين :
إحداهما : في نفس هذا العمل الشاق والكبير ، وما يحتاج لإنجازه في فرصة محدودة وقصيرة جدا ، من جهد مضن لم يعتد هؤلاء الناس على أقل القليل منه ، ولا واجهوا نظيره ، ولو مرة واحدة طيلة حياتهم.
الثانية : في الضائقة المالية التي كانوا يعانون منها ، التي تتجلى فيما يصفه لنا المؤرخون من حالة الضعف والجهد ، والخصاصة والجوع في تلك الظروف بالذات ..
وقد يحاول البعض أن يقول : إن هذه الضائقة لم تنل جميع الناس آنئذ ، لأن الناس ـ كما يروى الواقدي والمقريزي ـ قد كان كثير منهم في وفرة