نقول هذا رغم أننا نجد المنافقين : يحاولون التملص من تحمل مسؤولياتهم ، ويختلقون الذرائع والحجج المختلفة لذلك ، ولكن ذلك كان يتم وفقا لقوانين الانضباط أيضا ، فقد كانوا يورون بالضعيف من العمل ، وكانوا يستأذنون لحاجات وهمية ، وما إلى ذلك ، ولكنه كله كان تحت سمع وبصر القيادة وفي نطاق علمها ، وسيطرتها على الموقف كما هو معلوم.
مدائن كسرى وقصور الروم وصنعاء :
إننا حين نقرأ هذه القضية نشعر : أن المسلمين كانوا يواجهون أكبر تجمع لقوى الشرك ، ويتهيأون للدفاع عن وجودهم وحياتهم وهم يشعرون بعظيم الخطر الداهم ، وتختلف في نفوسهم عوامل اليأس تارة ، وعوامل الرجاء تارة أخرى.
ولعل المنافقين ، ومن وراءهم اليهود ، قد أسهموا بتضعيف عوامل الرجاء بما أشاعوه وأذاعوه مما يؤكد ويقوي حالة التشاؤم إلى درجة اليأس لدى الكثيرين ممن لم ترسخ لهم بعد قدم في الإيمان والتسليم ، والتوكل.
فتأتي قصة رؤية قصور الحيرة والروم وصنعاء ، ومدائن كسرى حينما ضرب النبي «صلىاللهعليهوآله» تلك الصخرة المستعصية في الخندق ضربات ثلاثا ـ تأتي ـ لتعيد للمسلمين ثقتهم بأنفسهم وبربهم ، وتطلعاتهم ونظراتهم القوية والثاقبة للمستقبل ، ويبتعد حينئذ تلقائيا شبح الخوف المذل والاستسلام الخانع لعوامل اليأس ، التي لو تمكنت وترسخت فيهم لجرتهم إلى مزالق الذل ، ولكان ذلك سببا في ذهاب ريحهم وسقوطهم في حمأة الهوان ، والبوار.