كما إن إجماع القبائل لم ينجح في توحيد القيادة لهم ، ولا استطاع أن يحجب الروح القبلية ، ويمنعها من الهيمنة على مسيرة التحرك ، حتى في مواقع القتال.
فكانت كثرة هذا الجيش تستبطن التمزق ، وكان تكثّر الانتماءات في الولاء والطاعة ، يحمل معه بذور الفساد والإفساد ، والخلاف والشقاق لأتفه الأسباب.
أضف إلى ما تقدم : أن الإعلام المزور والمسموم قد أوجب انتفاخا كاذبا ، وأذكى توقعات كبيرة ، يعلم قادة الأحزاب أنفسهم أنهم أعجز عن أن ينالوها ، أو أن يحققوا أدناها.
وبعد ما تقدم : فهل يمكن لجيش كهذا أن يقوم بتجربة حربية ضد المسلمين ، مع أنه لا يمكن ضمان نتائجها ، لا سيما بعد أن عرف ورأى ميدانيا أن الأمور قد أصبحت على غاية من التعقيد والخطورة ، ولم يكن قد حسب لكل هذه المستجدات أي حساب؟
وبعد كل ما تقدم : فإن علينا أن لا ننسى أن تلك القبائل كانت تفتقر إلى ترسيخ عامل الثقة فيما بينها. ولم تكن ثمة ضمانات حقيقية لوفاء بني قريظة للمشركين ، ولا العكس ، مع علمهم : أن الذي يجمع كل هذه المتفرقات هو الخوف من التفرق ، وليس شيئا غير ذلك ..
جيش أهل الإيمان :
وأما بالنسبة لجيش أهل الإيمان فإن الأمر يختلف تماما ، فهو يرى أن وجوده معرض للاستئصال والفناء ، ولا بد له من الدفاع ، ولن يجد ملجأ له