في مواجهة التحدي».
وفاء اليهود :
وقد اتضح أيضا : أن اليهودي حين يلتزم بعهده ، فإنه لا ينطلق في ذلك من شهامة ، ولا كرامة ولا نبل ، ولا لأجل أنه يلتزم بشرف الكلمة .. وإنما لأنه يرى أن نقضه له سوف يلحق به ضررا من نوع ما ؛ فإذا اطمأن إلى عدم وجود ضرر في ذلك فإنه يبادر إليه ، دونما وازع أو رادع.
وقد رأينا : أن كعب بن أسد ينقض العهد حين تخيل أنه سيحقق ما يتمناه من استئصال محمد «صلىاللهعليهوآله» ومن معه ، واقتنع بأن القوة التي حشدتها الأحزاب كافية في تحقيق هذه الأمنية ، وأن المستقبل الرغيد والسعيد سيكون بانتظاره ، وأصبح على الأبواب.
طريقة حيي للتأثير على كعب بن أسد :
ويلفت نظرنا هنا : الطريقة التي أثار فيها حيي بن أخطب حفيظة كعب بن أسد حتى فتح له ، حيث اتهمه بأنه لا يفتح له خوفا من أن يأكل من طعامه ؛ ففتح له حينئذ الباب ، الذي كان باب الخزي والخسران ، والذل الأبدي ، والبوار في الدنيا والآخرة.
ولكن كعبا هذا : رغم اعترافه بأنه لم ير من النبي «صلىاللهعليهوآله» إلا الوفاء والصدق ، وغير ذلك فإنه ينقض العهد معه ، حبا للدنيا ، وطمعا بها فكان له الدمار والهلاك.
وحسبك بهذا دلالة على تفاهة تفكير هؤلاء الناس ، وسفاهة عقولهم ، وتناقضهم السافر في مواقفهم.