مع آيات سورة النمل :
وقد أظهرت الآيات المتقدمة كيف تم توظيف كل القدرات المادية وغيرها في تحقيق رضا الله سبحانه ، وبناء الحياة وتكاملها باتجاه الأهداف الإلهية ووفقا للخطة المعقولة والمقبولة له تعالى. بدءا من قصة تبسم سليمان من قول النملة ، مرورا بقصة الهدهد ، والإتيان بعرش بلقيس بتلك الطريقة المثيرة ، ثم تنكير عرشها لها ، وانتهاءا بأمرها بدخول الصرح الذي حسبته لجة ، مع أنه صرح ممرد من قوارير.
وقد تجسد ذلك كله من خلال حاكمية وإمامة سليمان عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام ، ورعايته وهدايته التامة والشاملة.
وقد كانت هذه الهداية والرعاية مستندة إلى علم آتاه الله إياه ، والى إمكانات ذات صفة شمولية : (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ). فلم يكن ثمة أي قصور في القدرات الذاتية ، فقد علم سليمان منطق الطير ، وأوتي من العلم ما يكفيه في مهمته الكبيرة والخطيرة.
كما أنه لم يكن ثمة نقص في الإمكانات المادية ، كما أشرنا. وكان سليمان أيضا يحظى برعاية الله تعالى له ، ولطفه به ، وتسديده وتأييده إلى درجة العصمة.
فلم يبق والحالة هذه إلا المبادرة إلى القيام بالدور المرصود له في نطاق الاستفادة الواعية والإيجابية والبناءة من كل المخلوقات المسخرة لهذا الإنسان ، وتوجيهها لتؤدي دورها في الحياة كاملا غير منقوص ..
وهذا ما حصل بالفعل ، فكانت المعجزة الكبرى ، وكان الإنجاز العظيم ، وهذا ما سوف يتحقق بصورة أكثر رسوخا وشموخا وعظمة في عهد ولي الأمر قائم آل محمد «عليهم الصلاة والسلام».