إعادة توضيح وبيان :
إنه ما دام أن المفروض بالإنسان هو أن يتعاطى مع جميع المخلوقات التي سخرها الله تعالى له ، فقد كان لا بد من أن يخضع تعامله هذا وكذلك تعامله مع نفسه ، ومع ربه ، ومع كل شيء لضوابط تحفظه من الخطأ ومن التقصير ، أو التعدي.
ولقصور الإنسان الظاهر ، فقد شاءت الإرادة الإلهية ، من موقع اللطف والرحمة أن تمد يد العون له ، وهدايته في مسيرته الطويلة المحفوفة بالمزالق والأخطار هداية تامة تفضي به إلى نيل رضا الله سبحانه ، وتثمر الوصول إلى تلك الأهداف الكبرى والسامية وتحقيقها ، وهي إعمار الكون وفق الخطة الإلهية ، التي تريد من خلال ذلك بناء إنسانية الإنسان ، وإيصاله إلى الله سبحانه ، حيث يصبح جديرا بمقامات القرب منه تعالى ، حيث الرضوان والزلفى.
وإذا كان كذلك فإنه يصبح واضحا : أن المثل القرآني الذي يتمثل في تجربة سليمان وداود «عليهماالسلام» ، إنما أراد أن يجسد ولو بصورة مصغرة هذه الحقيقة بالذات ليتلمس هذا الإنسان الأهداف الإلهية ، وهي تتجسد واقعا حيا ، ملموسا ، وليس مجرد خيالات ، أو شعارات ، أو آمال وطموحات غير عقلانية ، ولا مسؤولة.
وهي أيضا تجسد معنى القيادة المطلوبة والصالحة لتحقيق هدف كهذا ، حتى إن طائرا ، وهو الهدهد ، يضطلع بدور حيوي وفي مستوى ملك بأسره ، وأحد الحاضرين في مجلس سليمان يأتي بعرش بلقيس ـ بواسطة العلم الذي عنده من الكتاب ـ قبل أن يرتد الطرف.
كما أن هذه الشواهد القرآنية ، وتلك الكرامات والمعجزات النبوية ،