ولنا هنا مناقشات وشكوك في بعض ما ذكروه ، كما أن لنا بعض الإيضاحات والتحليلات التي ربما تكون مفيدة هنا ، ونحن نذكر ذلك فيما يلي من مطالب ، فنقول :
آيات سورة آل عمران :
قد تقدم قولهم : إن آية : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ، الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) (١) .. قد نزلت في مناسبة بدر الموعد ؛ لأن المسلمين قالوا ذلك.
ولكننا لا نستطيع قبول ذلك ؛ فعدا عن تناقض الروايات في مكان نزولها : في المدينة ، أو في الطريق إلى بدر ، أو في بدر نفسها ، كما تقدم ، نسجل الأمور التالية :
الأول : قال العسقلاني ، بالنسبة لآية : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ :) «والصحيح : أن هذه الآية نزلت في شأن حمراء الأسد ، كما نص عليه العماد بن كثير» (٢).
وقد روى المحدثون والمؤرخون ، والمفسرون : أنها نزلت في حمراء الأسد ، فراجع ما رووه عن : ابن عباس ، والحسن ، وابن جريج ، وعائشة ، وأبي السائب ، والسدي ، وقتادة ، وأنس ، ومن طريق العوفي. وعن عبد الله بن أبي بكر بن محمد
__________________
(١) الآية ١٧٢ ـ ١٧٤ من سورة آل عمران.
(٢) المواهب اللدنية ج ١ ص ١٠٨ وراجع : السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦٥.