أما مشركو مكة فقد تقلص نفوذهم في المنطقة بدرجة كبيرة ، وتشكك كثير من الناس في قدرتهم على تحقيق نصر حاسم على المسلمين بسهولة ، لا سيما بعد الهزائم سياسيا وعسكريا التي لحقت بهم حسبما أشرنا إليه ، ثم ما تتعرض له قوافلهم التجارية ، وعدم قدرتهم على توفير الأمن لها ، بالإضافة إلى توسع منطقة نفوذ المسلمين وتحالفاتهم ، على حساب ما كان لهم من نفوذ وتحالفات.
ولعل ما يقال : عن رعب في المسلمين وتلكّؤ قد أريد له أن يجسد المصداق للآيات التي تتحدث عن تخويف الناس لهم ، مع أن الآيات تذكر تكذيبا لهذه الشائعة ، وأن هذا التخويف قد زاد المسلمين إيمانا وتصميما ، ومع أن الآيات إنما نزلت في غزوة حمراء الأسد.
ولعله قد أريد ترتيب أجواء مناسبة ، ليقدّم أبو بكر وعمر مشورتهما بلزوم المواجهة ، لتظهر شجاعتهما دون سائر المسلمين ، وليعوضهما ذلك بعض ما كانا قد فقداه في حالات سابقة.
ولعل فيما ذكرناه كفاية لمن أراد الرشد والهداية.
المجتمع المفتوح :
وقد قرأنا فيما تقدم : أن نعيم بن مسعود الأشجعي ، قد ذهب إلى المدينة بهدف تخذيل المسلمين عن الخروج إلى بدر الموعد. ولعل تردد المشركين إلى المدينة بتجاراتهم ، ومتابعة شؤونهم ومصالحهم ، هو من الأمور الواضحة والبديهية تاريخيا.
وربما يحمل ذلك بعض السلبيات للمسلمين أحيانا ، كما لوحظ في هذه