وقال الشهيد : الخالق ، المقدّر (٥٦) .
قلت : وهو حسن ، إذ قد يراد بالخلق التقدير ، ومنه قوله تعالى : « أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ » (٥٧) أي : اُقدّر .
الخالق ، والبرية : الخلق ، وبارئ البرايا أي : خالق الخلائق .
المصوّر :
الذي أنشأ خلقه على صور مختلفه ليتعارفوا بها ، قال تعالى : « وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ » (٥٨) .
وقال الغزّالي في تفسير أسماء الله تعالى الحسنى : قد يظنّ أنّ الخالق والبارئ والمصور ألفاظ مترادفة ، وأن الكلّ يرجع إلى الخلق والاختراع ، وليست كذلك ، بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود مفتقر إلى تقديره أولاً ، وإلى إيجاده على وفق التقدير ثانياً ، وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثاً ، والله تعالى خالق من حيث أنّه مقدر ، وبارئ من حيث أنه مخترع موجد ، ومصوّر من حيث أنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب . وهذا كالبناء مثلاً ، فإنه يحتاج إلى مقدّر يقدّر ما لا بدّ منه : من الخشب ، واللبن ، ومساحة الأرض ، وعدد الأبنية وطولها وعرضها ، وهذا يتولّاه المهندس فيرسمه ويصوّره ، ثم يحتاج إلى بنّاء يتولّى الأعمال التي عندها تحدث اُصول الأبنية ، ثم يحتاج إلى مزيّن ينقش ظاهره ويزيّن صورته ، فيتولاه غير البناء . هذه هي العادة في التقدير في البناء والتصوير ، وليس كذلك في أفعاله تعالى ، بل هو المقدّر والموجد والصانع ، فهو الخالق والبارئ والمصور (٥٩) .
___________________________
(٥٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧ .
(٥٧) آل عمران ٣ : ٤٩ .
(٥٨) غافر ٤٠ : ٦٤ ، التغابن ٦٤ : ٣ .
(٥٩) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : ١٨ .