ومن يقايس بين مركزها التجاري المتأخر ، وبين تقدمها العمراني تأخذه الدهشة وقد يحكم غير متردد في الحكم أنها من أغنى البلاد اللبنانية وأيسرها ، إذا قارن بينها وبين غيرها مع مراعاة نسبة سكانها العددية في تقدمها الواضح بهذا الفرع من فروع الحياة الاجتماعية ، دع ما تتطلبه تلك الدور المستحدثة من التأهيل والتأثيث المنطبق على روح العصر الحاضر ، وعندي ان الغيرة والتنافس على تشبه الفاقد بالواجد في التجمل الظاهري ، وهو يظهر جليا في جمال المساكن ، هما السببان في هذا الاندفاع الذي يكاد يكون فذا في البلاد ، وإنفاق كل ما في سعته ووجده وما تملكه يداه ليضارع سواه في هذا المظهر ، وطالما عدا الغريب هذا المظهر البارز في هذا البلد من مظاهر الرخاء الذي أسبغ حكمه ظله عليه وعلى غيره.
وأما حالة هذا البلد العلمية فهي حسنة جدا ، وقد ضربت كجديدة مرجعيون الرقم القياسي في انصراف أهله إلى التعلم ويتبين مقدار عنايتهم بالعلم من عدد التلامذة والتلميذات الذي يبلغ زهاء ألف ومائتي تلميذ وتلميذة يتلقون التعليم في مدارسها الحكومية للإناث والذكور ومدرسة جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ومدرسة البعثة الأميركية للإناث.
وبالجملة فإن النبطية أرقى بلاد الجنوب بعد الجديدة وصيدا في مدارسها وكثرة المتعلمين والمتعلمات. وإذا علمت أن عدد سكانها يبلغ زهاء خمسة آلاف نفس فيكون عدد المتعلمين فيها نحو ربع السكان ، وهي نسبة قل أن يجاريها فيها بلد لبناني في الجنوب ، ما خلا الجديدة.
ويبلغ عدد المتعلمين في النبطية ثمانين في المائة ، ولو أن الحكومة رخصت لبعض أفاضلها في تأسيس مدرسة ليلية لتعليم الأميين منذ ثماني سنين لزادت النسبة المئوية في التعليم عن الثمانين.
ومن طلابها عدد غير قليل يدرسون الطلب والمحاماة وغيرهما من