فليس في خشيته للناس ما ينقص من مقامه ، بل ذلك يزيد من مقامه ، ويؤكد باهر عظمته وعمق إخلاصه ..
«أحق» أن تخشاه :
وأما التعبير بكلمة أحق في قوله تعالى : (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) فليس فيه أي إيحاء سلبي ، بل هو مثل قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) فهو مدح وثناء بصيغة عتاب ، لبيان درجاته العالية في الخشية له تعالى.
وذلك لأن مفادها : أنك يا محمد تخشى الناس ، بمعنى أنك تعمل بحذر ، بهدف تحصين عملك في نشر الرسالة من الإبطال بما يثار من شبهات وأباطيل من قبل هؤلاء الناس.
وهذا أمر حسن ، وقد كان لا بد منه في السابق .. ولكن الأمر الآن قد اختلف ، فإن الله تعالى قد تكفل بإبطال كيد هؤلاء الناس ، فما عليك إلا أن يتمحض عملك بعد الآن في مراعاة الحذر والمراقبة في خشية أخرى هي أهم وأولى. وهي خشية الله سبحانه ، ومراقبته فيما يطلبه منك ، لتأتي به على أفضل وجه وأتمه ، حيث إنك لم تعد مكلفا بمراعاة الحذر في هذا الجانب.
فلماذا تتعب نفسك في أمر تحمّله الله تعالى عنك؟! ولماذا أنت شديد الاهتمام والحذر؟! حتى إنك تحمّل نفسك أثقالا وهموما عظيمة ، مع أنه يكفيك الاهتمام بمراعاة جانب واحد ، وتخفف عن نفسك فيما عداه ، لأن الله سبحانه متكفل به ، وسيدفع عنك شرهم وكيدهم فيه ..
ومن الواضح : أنه ليس في الآية : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» حين خشي الناس لم يخش الله تعالى ، كما أنه ليس فيها : أنه «صلىاللهعليهوآله»