يفعل ذلك ، بل فيها : أن عليه أن يواصل السير في طريق الخشية ، ونيل مراتبها واحدة بعد أخرى ، وأن لهذه المراتب درجات متفاوتة في الأهمية والخطورة ، وأن عليه أن يتابع مسيرته لنيل جميع تلك المراتب.
فخشية الله مطلوبة في السير والسلوك إليه تعالى ، فهي كمعرفة الله ، وتقواه وطاعته ، حيث لا موضع للقول بالجبر في أفعال العباد.
لا يكفي التشريع بالقول :
ولعلك تقول : لماذا لم يسجل الشارع انتفاء أحكام البنوة الحقيقية عن الابن بالتبني ، بمجرد القول ، كما هو الحال في أكثر الأحكام التي شرعها؟!
بل هو قد اختار أسلوب الممارسة الفعلية ، من قبل نبيه الأكرم «صلىاللهعليهوآله».
ونجيب عن ذلك : بأن هناك أمورا يصعب إقناع الناس بها بمجرد القول ، خصوصا إذا وجد الناس فيها حرجا ، أو يخشون من أن يسبب لهم ذلك عارا ، أو عيبا اجتماعيا ، أو تضمنت تمردا على وضع عاطفي ، ذي طابع معين.
فيحتاج تبليغ الحكم ، على مستوى الإقناع ، وإزالة حالات الإحراج فيه ، أو إبعاد الشعور بالعيب والعار إلى القول ، وإلى المبادرة المباشرة من النبي «صلىاللهعليهوآله» ، الذي هو الأسوة والقدوة في تحمل التبعات التي يخشاها الناس في مجال الممارسة.
وبذلك يكون «صلىاللهعليهوآله» قد قدم الأمثولة الفضلى للقيادة الحكيمة ، التي تبادر للتضحية في كل اتجاه في سبيل الأهداف العليا التي نذرت نفسها لها.