إن هذا لو صح ، فلا بد أن يكون مؤيدا للنص الذي يقول : إنه قد قبض على ثمامة في المدينة ، حيث لم يستغرق أسرهم له سوى دقائق ، هي مسافة الطريق من موضع القبض عليه حتى وصوله إلى المسجد ، حيث عرض أمره على النبي «صلىاللهعليهوآله» ..
ولو كان قد أسر قبل ذلك ، فلا يعقل أن يبقى في يد آسريه ساعات أو أياما ، دون أن يسألوه عن نفسه ، وعن أهله وبلده ، ويبقى مجهولا لهم إلى أن يعرفه النبي «صلىاللهعليهوآله» ويخبرهم بأمره.
إلا أن يقال : إنهم سألوه ، فلم يجبهم ، أو أجابهم ولم يصدقوه .. وكلاهما احتمال لا شاهد له.
أكلة لحم جزور أحب إليه :
وقد زعموا أيضا : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» انصرف من عند ثمامة وهو يقول : اللهم أكلة لحم من جزور أحب إلي من دم ثمامة ، ثم أمر به فأطلق (١).
ونحن نجل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عن هذه التفاهات ، فإنه «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يهتم بأكلة من لحم جزور ، ولا يجعل هذا الأمر طرفا في المقايسة مع دم أحد ..
والصحيح هو : أن هذا من أقوال أبي هريرة ، ومن معه من أصحاب الصفة ، الذين صاروا يقولون : نبينا «صلىاللهعليهوآله» ما يصنع بدم
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٧٤ عن الإستيعاب (بهامش الإصابة) وتاريخ المدينة لابن أبي شبة النميري ج ٢ ص ٤٣٩.