بل هو قد أراد أن يمدح زيدا بذلك ، من حيث إنه يمارس عمله وفق أصول الانضباط ، والالتزام بالمقررات بحزم وصرامة ، ولا يتعامل على أساس العلاقات الشخصية ، التي ربما تجر أحيانا إلى الوقوع في أخطاء قد لا يمكن تداركها .. خصوصا حين يتعلق الأمر بالتعاطي مع الشأن العام ، وتنفيذ المهمات ، والقيام بالمسؤوليات النظامية.
وقد كان علي «عليهالسلام» يدرك : أنه لا بد من إشاعة هذا النهج ، وفرض الالتزام به على الآخرين ، بصورة عملية وحاسمة ، بحيث لا يبقى أي منفذ ، أو فرصة لأي تسلل من شأنه أن يفسد طريقة تنفيذ القرار ، أو أن يخل بحركة العمل في المجالات التطبيقية المختلفة.
وإلا ، فإن زيدا كان يعرف عليا «عليهالسلام» ، ويدرك موقعه من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ومن الإسلام كله .. ولكنه يريد أن يري الناس كيف يلتزم القائد بحرفية البيانات والبلاغات الصادرة إليه ، وأن عليهم أن يتعلموا : أنه لا مجال لمحاباة أحد ، ولا للاعتماد على الرأي والاجتهاد ، بعد أن استبعدت المعرفة اليقينية ، وحوصرت وصودرت أحكامها بأحكام وبيانات صريحة أخرى لم تدع لها مجالا ، ولا مقالا ..
وحسبنا هذا الذي ذكرناه هنا : فإن استقصاء الحديث حول التفاصيل والجزئيات لسوف يضر بالاستفادة مما هو أهم ، ونفعه أتم ، وأشمل وأعم ..
٢ ـ سرية كرز بن جابر إلى العرنيين :
وفي جمادى الآخرة من سنة ست على قول ابن اسحاق ، أو في شوال على قول الواقدي ، وابن سعد ، وابن حبان ، أو في ذي القعدة بعد الحديبية ،