وأما الأنساب والانتساب ، فإنها تنتهي في أحيان كثيرة إلى إثارة كوامن العصبيات ، التي يكون قوامها الاعتزاز بالعرق ، والارتباط بالآخرين من خلاله ، وتحديد الأولويات والامتيازات على أساسه.
رغم أن الإنسان لم يكن له أي دور في اختيار العرق والعشيرة ، أو في اختيار اللون والطول ، و.. و.. أو في اختيار التخلص منه ..
بل هو أمر مفروض عليه ، كما أنه ليس له أي تأثير يذكر في صياغة الشخصية الإنسانية ، واختيار ميزاتها ، وبلورة خصائصها ، وتحديد معالمها ..
وبذلك يكون «صلىاللهعليهوآله» قد كسر عنفوان النزعات الطبقية ، وأسقطها بصورة عملية ، وبقرار إلهي صارم ، فإن التفاضل إنما هو بالتقوى ، فلا مجال للتفضيل بغير ذلك ، فاعتبار من جرى عليه رق ثم تحرر لا يكافئ من لم يجر عليه رق حتى لو كان أفضل منه علما وزهدا ، وتقوى ، واستقامة ، ما هو إلا تمييز طبقي مرفوض في منطق الإسلام والقرآن.
ب : ما كان لهم الخيرة :
وقد ذكرت الروايات : أن قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ..) (١) قد نزلت ردا على رفض زينب الزواج من زيد ، وفرضت عليها أن تتزوج به ، فرضخت للأمر الإلهي بالرغم عنها.
والسؤال هو : لماذا حرمت زينب من حقها في أن تختار لنفسها ، وكيف
__________________
(١) الآية ٣٦ من سورة الأحزاب.