أحدهما : أن قوله «صلىاللهعليهوآله» لزيد : أمسك عليك زوجك. لم يكن حين عرض عليه طلاق زينب ليتزوجها هو ـ إن كانت قد وقعت في نفسه ـ بل كان ذلك حين شكاها إليه ..
والثاني : أن ما كان يخفيه النبي «صلىاللهعليهوآله» في نفسه لم يكن هو حب زينب والإعجاب بها ، بل هو ما أخبره الله تعالى به من أنها ستكون زوجة له في يوم ما.
وقد علق الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، على هذا الحديث بقوله : «فعلي بن الحسين جاء بهذا من خزانة العلم ، جوهرا من الجواهر ، ودرا من الدرر» (١).
لا معنى للأمر بالإمساك :
فإن قيل : كيف يأمر النبي «صلىاللهعليهوآله» زيدا بإمساك زوجه ، وهو يعلم أن الفراق لا بد منه؟ أليس هذا من التناقض؟!
قيل : إن لهذا الأمر مصالحه وغاياته ، ومنها : أنه «صلىاللهعليهوآله» أراد لزيد أن يكون في موقع الطاعة لله ، وأن لا يكون قاسيا عليها ، وأن يعاملها بالرفق ، حتى إذا فارقها بعد أن يكون قد استنفذ جميع ما في وسعه وطاقته لم يكن ثمة مجال لأن تراود نفسه ونفسها آية خواطر في هذا الاتجاه.
أو لأجل إقامة الحجة على زيد في شأنها ، نظير أمر الله عباده بالإيمان ، مع علمه بأن هذا أو ذاك سوف لا يطيع هذا الأمر.
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ج ١٤ ص ١٩١ وعن فتح الباري ج ٨ ص ٥٢٣.