فقلت له : هذا لم يجز في اليمين ، فلو حلف : لا أكلت هذه الحنطة ما دامت تسمّى حنطة ، كان الأمر على ما ذكرت ، فإنّما حلف أن لا يأكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة .
فقال : على كل حال قد حلف أن لا يأكلها وهي على صفة ، وقد تغيّرت عن تلك الصفة ، فلم يحنث .
فقلت : الجواب هاهنا مثل ما ذكرته أولاً ، وذلك : إن كنت تريد أنّه حلف أن لا يأكلها وهي على صفة ، أنّه أراد على تلك الصفة ، فقد تقدّم ما فيه ، فإن كنت لم ترد ذلك فلا حجّة فيه .
ثم يلزم على ما ذكرته أنّه لو حلف أن لا يأكل هذا الخيار وهذا التفّاح ، ثم قشّره وقطّعه وأكله لم يحنث ، ولا شبهة في أنّه يحنث .
فقال : من قال في الحنطة ما تقدّم ، يقول في الخيار والتفّاح مثله .
فقلت له : إذا قال في هذا مثل ما قاله في الحنطة علم فساد قوله بما ذكرته من أنّ العين واحدة ، اللهم إلّا إن شرط في يمينه أن لا يأكل هذا الخيار أو هذا التفّاح وهو على ما هو عليه ، فإنّ الأمر يكون على ما ذكرت ، وقد قلنا إنّ اليمين لم يتناول ذلك .
ثم قلت : إنّ الإحتياط يتناول ما ذكرته ، فأمسك (٢٠) .
ثانياً ـ ما جاء في كتاب الطهارة ، عند ما إذا اختلط المضاف بالماء المطلق وكانا متساويين في المقدار ، فذهب القاضي إلى أنّه لا يجوز استعماله في رفع الحدث ، ولا إزالة النجاسة ، ويجوز في غير ذلك ، ثم قال :
وقد كان الشيخ أبو جعفر الطوسي ـ رحمه الله ـ قال لي يوماً في الدرس : هذا الماء يجوز استعماله في الطهارة وإزالة النجاسة .
فقلت له : ولِمَ أجزت ذلك مع تساويهما ؟
فقال : إنّما أجزت ذلك لأنّ الأصل الإباحة .
فقلت له : الأصل وإن كان هو الإباحة ، فأنت تعلم أنّ المكلّف مأخوذ بأن لا يرفع الحدث ولا يزيل النجاسة عن بدنه أو ثوبه إلّا بالماء المطلق ، فتقول أنت : بأنّ هذا الماء مطلق ؟ !
____________________________
(٢٠) المهذّب ، كتاب الكفارات ج ٢ ص ٤١٩ و ٤٢٠ .