(الموصى له ، والرقبة على الوارث إن فرض لها (١) قيمة (٢)) كما يتفق في العبد لصحة عتق الوارث له ولو عن الكفارة ، وفي البستان بانكسار جذع ونحوه ،
______________________________________________________
ـ المورّث في زمن حياته له التسلط على أمواله ويجوز له أن يصنع بها ما شاء ، ومن جملته إجارة أعيان أمواله مدة من الزمن تزيد على عمره ، وبهذا الاعتبار جاز له أن يوصي بمنافع أمواله بعد وفاته لمن شاء بشرط الخروج من الثلث.
ثم إن الغرض من التعرض للمسألة ثانيا هو معرفة كيفية احتساب المنفعة المؤبدة أو المنقطعة من الثلث ، فإن كانت المنفعة الموصى بها منقطعة فأمرها سهل إذ تقوّم العين مسلوبة المنفعة تلك المدة ، وتقوّم العين بجميع منافعها مطلقا ، وينظر إلى التفاوت ويخرج من الثلث ، فلو أوصى بمنفعة العبد عشر سنين ، قوّم العبد بجميع منافعه ثم يقوّم مسلوب المنفعة تلك المدة ، فلو كانت قيمته مائة على الأول ، وخمسين على الثاني ، فالتفاوت خمسون ، وهو الذي يخرج من الثلث ، بمعنى أنه يعتبر أن يكون بيد الوارث مائة منها رقبة العبد مع أن الرقبة قيمتها خمسون كما في المثال.
وإن كانت المنفعة الموصى بها مؤبدة فللأصحاب طرق ثلاثة في ذلك :
الأول : تقويم العين بمنافعها ، وخروج مجموع القيمة من الثلث ، لعدم قيمة للعين حال كونها مسلوبة المنفعة وفيه : إنه مبني على عدم القيمة للعين حينئذ ، مع أنها تبقى لها منفعة تعود للوارث كالعتق في العبد وأكل اللحم في الشاة لو أشرفت على الموت فذبحت ونحو ذلك.
الثاني : تقويم العين مسلوبة المنافع الموصى بها وإن قلّت قيمتها ، وتقويمها غير مسلوبة وينظر إلى التفاوت ، ويخرج من الثلث ، لكون العين للوارث له بعض المنافع فيها من حيث الملك ، وبذلك تكون ذا قيمة فلا معنى لاحتسابها من الثلث ، ثم ما دامت الرقبة للوارث فيقدر على الانتفاع بها كالعتق ، وهو غرض كثير متقوم بالمال ، ويمكن الانتفاع بها كما لو أوصى بثمرة البستان فانكسرت أشجاره ويبست فيجوز للوارث استعمالها حطبا أو خشبا لخروجها عن الثمرة وهكذا.
الثالث : أن تحسب قيمة المنفعة من الثلث ولا تحتسب قيمة الرقبة على أحد من الوارث ولا الموصى له ، أما الموصى له فلأنها ليست له ، وأما الوارث فللحيلولة بينه وبينها ، وفيه : إن الحيلولة مانعة عن الانتفاع بالمنافع وليست مانعة عن الانتفاع بالرقبة من حيث الملك.
(١) للرقبة.
(٢) بأن يفرض للعين منافع غير منافع الموصى بها.