.................................................................................................
______________________________________________________
ـ المهر إذا جوزنا وقوع الابراء بلفظ الهبة أو أبرأته من نصفه ثم طلق قبل الدخول فقد برئ من تمام المهر حينئذ ، لأنه يملك نصف المهر بالطلاق والنصف الآخر بالابراء فلا شيء عليه بلا إشكال ولا خلاف بينهم.
وعلى الثاني بأن كان المهر عينا خارجية وقد وهبته نصفها المعيّن كما لو كان المهر عبدين وقد وهبته أحدهما المعين ، فلو طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف الباقي من المهر وبنصف قيمة الموهوب ، لأن حقه بالطلاق نصف ما فرض من المهر ، فما وجده من المهر باقيا فله نصفه ، وما ذهب من المهر بالانتقال عن ملكها ولو إليه ينتقل إلى بدله من المثل أو القيمة وله نصفه أيضا. بلا إشكال ولا خلاف منا ولو كان المهر عينا خارجية وقد وهبته نصفها المشاع فالمشهور على أن له تمام الباقي ولا يرجع عليها بشيء لو طلقها قبل الدخول ، ووجه استحقاق الباقي أنه استحق نصف المهر المسمى بالطلاق وقد وجده فيأخذه ، وتنحصر هبتها في نصيبها ، وبعبارة أخرى فالزوج له النصف المشاع من المهر بالطلاق مع أن النصف المشاع من المهر بحاله لم يخرج عن ملكها فيرجع عليها به ، ويتبين أن ما وهبته له من المهر إنما هو من نصيبها الذي هو النصف الباقي.
وعن القواعد والمسالك احتمال الرجوع بنصف الباقي بعينه ، وبقيمه النصف من الموهوب ، ونصف الموهوب ربع لأن الموهوب نصف المهر ، ونصف الباقي ربع أيضا ، لأن الباقي نصف المهر فيرجع الزوج بربع المهر وبقيمة الربع منه. لأن الهبة قد وردت على مطلق نصف المهر فتشيع في تمام المهر ، وينزّل هذا النصف منزلة التالف ، لانتقاله عنها بالنقل اللازم ، فلم يبق من المهر المسمى إلا نصفه ، فيأخذ نصف الباقي كما هو مقتضى الشركة بين الزوجين فيه ، ويرجع عليها بقيمة نصف الفائت كما لو فات الجميع أو تلف أو انتقل عن ملكها.
وأشكل عليه كما في المسالك بأن الانتقال إلى البدل مشروط بتعذر العين ، وهو منتف إذ التعذر لبعضها وليس لتمامها مع أن تبعيض حقه ضرر عليه فيجبر بتخييره بين هذا القول الثاني وبين الرجوع إلى النصف من الباقي فقط ووجهه أن القول الثاني موافق للقواعد ولذا يرجع عليها بنصف الباقي وبنصف قيمة الموهوب لو كانت الهبة معينة لا مشاعة بلا خلاف على ما تقدم ، ولكن الالتزام بهذا القول موجب لتبعض حقه فيجبر بالخيار المذكور.
وعن الشيخ في المبسوط احتمال الرجوع إلى النصف من الباقي فقط ، لأن الهبة لما تعلقت بالنصف المشاع فقد تعلقت بنصفي نصيب الزوجين ، فقد ملك الزوج من نصيبها النصف ـ وهو الربع ـ بالهبة واستعجل نصف نصيب نفسه بالهبة وقد بقي له من نصيبه النصف الآخر وهو الربع ، والربع نصف الباقي ، فلذا كان له نصف الباقي فقط. ـ