وأقول :
لا ريب بتواضع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع المؤمنين فضلا عن النبيّين ، لكن لا وجه للتواضع المدّعى مع إبراهيم ويوسف ، إذ لا يصحّ تواضع الشخص بإثباته لنفسه أمرا قبيحا ، كقول الشخص : أنا فاسق ، أو نحوه.
وقول النبيّ : « نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم » فإنّ الشكّ في الصانع والحشر أعظم الأمور نقصا ومباينة لمن هو في محلّ الدعوة إلى الإقرار بالصانع والحشر.
وقريب منه قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي » ، فإنّه دالّ على قلّة صبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وحكمته بالنسبة إلى يوسف ، وهو لا يلائم دعوته إلى مكارم الأخلاق والصبر الكامل والتسليم ..
فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا جعل نفسه أدنى صبرا من يوسف الذي توسّل غفلة إلى خلاصه من السجن بمخلوق ، فقال : ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ) (١) ، لما ناسب طلبه من الناس الصبر الأعلى ، والتسليم لأمر الله في كلّ شيء ، والاستعانة بالله لا بغيره في كلّ أمر.
كما إنّ تواضع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي ذكره الخصم مع موسى ويونس كاذب ، وإلّا كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم متناقض القول ؛ لأنّه يقول في مقامات أخر :
__________________
(١) سورة يوسف ١٢ : ٤٢.