وأقول :
لا وجه لإنكار تجويزهم الكذب على الأنبياء سهوا ، فإنّ الخصم نفسه قد نقل سابقا عنهم الخلاف في تجويز الكذب في التبليغ سهوا (١).
ونحن نقلنا عن « المواقف » أنّ أكثرهم أجازوا صدور الكبائر عنهم سهوا ومنها الكذب في غير التبليغ (٢).
ومعلوم أنّه يكفي في لزوم المحال تجويزهم الكذب سهوا في التبليغ وغيره فضلا عن العمد ، فيجوز أن يكذب النبيّ ويأمر من عنده سهوا ، بل يترك للسهو شيئا ممّا أوحي إليه ، إذ ليس هو من موارد العصمة ولا يقتضيها مذهبهم ، ولذا رووا ـ كما سبق ـ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نسي بعض آيات الكتاب العزيز (٣) ، بل عرفت أنّ كثيرا منهم قالوا بعدم عصمتهم عن الكبائر عمدا (٤) ، فيجوز أن يترك ما أوحي إليه عمدا ، ويكذب في غير التبليغ عمدا وقصدا ، بل وفي التبليغ كما تقتضيه رواية الغرانيق (٥) ، بل مقتضى هذه الرواية وقوع الكفر عنهم عمدا كما تساعد عليه رواية شكّ إبراهيم عليهالسلام ونحوها (٦).
ومن نظر إلى الأدلّة التي استدلّ بها بعضهم على ذنوب الأنبياء كما في
__________________
(١) انظر الصفحة ٢٠ من هذا الجزء.
(٢) راجع الصفحة ٢٨ من هذا الجزء ، وانظر : المواقف : ٣٥٨.
(٣) انظر الصفحة ١٤٤ ـ ١٤٥ من هذا الجزء.
(٤) انظر الصفحتين ٣٢ و ٣٣ من هذا الجزء.
(٥) انظر الصفحات ١٨ و ٢٥ و ٣٥ فما بعدها من هذا الجزء.
(٦) انظر الصفحة ١٠٣ من هذا الجزء.