وأقول :
أدلّة النهي عن المنكر عامّة للكبائر والصغائر بلا فرق ، ومجرّد العفو عن الصغيرة مع اجتناب الكبائر لا يخرجها عن كونها منكرا يجب النهي عنه ، ولا يجعلها بحكم المباح ، كما يجب نهي فاعل الكبيرة وإن علمنا أنّه يتوب بالأثر.
فإن قلت : النبيّ لا يتأذّى بشيء يعود إلى النهي عن المنكر.
قلت : كيف لا يتأذّى وقد منع عمّا رغب فيه ولا سيّما بالقسر ، وإن كان ربّما يرتفع الأذى في ما بعد لكنّه لا يجدي بعد أن كان الناهي فاعلا للإيذاء.
ثمّ إنّهم أجازوا على الأنبياء فعل الكبائر سهوا ، وهذا الدليل يبطله ، إذ إنّ المنكرات لا يراد وقوعها حتّى سهوا ، غاية الأمر أنّ الساهي غير معاقب في الآخرة ، وهو أمر آخر ، مع أنّه لا يعلم السهو غالبا إلّا بعد أن يعتذر الساهي به.
* * *