قال المصنّف ـ طيّب الله رمسه ـ (١) :
وأمّا المعتزلة ، فلأنّهم حيث جوّزوا صدور الذنب عنهم (٢) ، لزمهم القول بجواز ذلك أيضا ، واتّفقوا على وقوع الكبائر منهم كما في قصّة إخوة يوسف (٣).
فلينظر العاقل بعين الإنصاف ، هل يجوز المصير إلى هذه الأقاويل الفاسدة والآراء الرديئة؟!
وهل يبقى مكلّف ينقاد إلى قبول قول من كان يفعل به الفاحشة طول عمره إلى وقت نبوّته ، وأنّه يصفع ويستهزأ به حال النبوّة؟!
وهل يثبت بقول هذا حجّة على الخلق؟!
واعلم أنّ البحث مع الأشاعرة في هذا الباب ساقط ، وأنّهم إن بحثوا في ذلك استعملوا الفضول ؛ لأنّهم يجوّزون تعذيب المكلّف على أنّه لم يفعل ما أمره الله تعالى به من غير أن يعلم ما أمر به ، ولا أرسل إليه رسولا ألبتّة ، بل وعلى امتثال ما أمره به ..
وأنّ جميع القبائح من عنده تعالى ، وأنّ كلّ ما وقع في الوجود فإنّه فعله تعالى وهو حسن ؛ لأنّ الحسن هو الواقع والقبيح هو الذي لم يقع.
__________________
(١) نهج الحقّ : ١٦٢.
(٢) شرح المواقف ٨ / ٢٦٥.
(٣) شرح الأصول الخمسة : ٥٧٣ ، وانظر : الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ١١٦ ـ ١١٧ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٣٢٠ ـ ٣٢١ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٥.