وأقول :
لمّا كان الاستدلال على صدور الكبائر من الأنبياء قبل البعثة بقصّة إخوة يوسف ساقط جدّا ، اكتفى المصنّف رحمهالله في الجواب عنه بإثبات المحاليّة ، ولم يتعرّض لكلمة القائلين بنبوّتهم ودليلهم ، إذ لم يقل بها إلّا من لا عبرة به وبرأيه.
لكنّ الخصم على عادته وعادة أصحابه في التسامح بدعاوي الإجماعات ، قال : الإجماع على نبوّتهم واقع.
ويشهد لعدم الإجماع ما ذكره ابن حزم (١) إذ قال : « إنّ إخوة يوسف لم يكونوا أنبياء ، ولا جاء قطّ في أنّهم أنبياء نصّ ، لا من قرآن ولا من سنّة صحيحة ، ولا من إجماع ، ولا من قول أحد من الصحابة ».
وقال القاضي عياض في « الشفاء » : « وأمّا قصّة يوسف وإخوته فليس على يوسف منها تعقّب ، وأمّا إخوته فلم تثبت نبوّتهم » (٢).
ونقل ابن أبي الحديد (٣) عن المعتزلة : « إنّهم قالوا : يجب أن ينزّه النبيّ قبل البعثة عن الكفر والفسق ».
ثمّ نقل عن أبي محمّد بن متّويه (٤) أنّه قال : في كتاب « الكفاية » :
__________________
(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٤ / ٩ [ ٢ / ٢٩٤ ]. منه قدسسره.
(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ١٦٤.
(٣) شرح النهج ٢ / ١٦٢ [ ٧ / ٨ ـ ١٠ ]. منه قدسسره.
(٤) هو أبو محمّد الحسن بن أحمد بن متّويه ، أخذ عن القاضي عبد الجبّار ، وله