وقال الفضل (١) :
المراد من كون الإمام أفضل من الرعيّة : إن كان كونه أحسب ، وأنسب ، وأشرف ، وأعرف ، وأعفّ ، وأشجع ، وأعلم ؛ فلا يلزم وجوبه عقلا ـ كما ادّعاه ـ على تقدير القول بالوجوب العقلي ؛ لأنّ صريح العقل يحكم بأنّ مدار الإمامة على حفظ الحوزة والعلم بالرئاسة وطريق التعيّش مع الرعيّة ، بحيث لا يكون فظّا غليظا منفّرا ، ولا سهلا ضعيفا يستولي عليه الرعيّة ، ويكون حامي الذمار ..
ويكفيه من العلم ما يشترط القوم من الاجتهاد ، وكذا الشجاعة والقرشية في الحسب والنسب ..
وإن وجد في رعيّته من كان في هذه الخصال أتمّ ولا يكون مثله في حفظ الحوزة ، فالذي يكون أعلم بتدبير حفظ الحوزة ، فالعقل يحكم بأنّه هو الأولى بالإمامة.
وكثير من المفضولين يكونون أصلح للإمامة من الفاضلين ، إذ المعتبر في ولاية كلّ أمر والقيام به معرفة مصالحه ومفاسده وقوّة القيام بلوازمه ، وربّ مفضول في علمه وعمله وهو بالزعامة والرئاسة أعرف ، وبشرائطها أقوم ، وعلى تحمّل أعبائها أقدر.
وإن أراد بالأفضل أن يكون أكثر ثوابا عند الله تعالى ، فهذا أمر يحصل له الشرف والسعادة ، ولا تعلّق له بالزعامة والرئاسة.
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٣٢٠.