بالنصب ، فلا بدّ أن يكون قد نصب وإلّا أخلّ بالواجب.
على أنّ نصبهم للإمام وإن دفع ضررا ، إلّا أنّ نصب غير المعصوم يوجب ضررا آخر ناشئا من عمده أو خطئه ، فيضرّ بالدين والأمّة ، فيحرم ، فلا مناص من نصب الله سبحانه لمن يعلم عصمته.
وقد ذكر القوشجي دليلا ثالثا ، وهو : إنّ الشارع أمر بإقامة الحدود وتجهيز الجيوش وسدّ الثغور ونحوها ممّا لا يتمّ إلّا بإمام ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به واجب » (١).
وفيه ـ مع توقّفه على عدم الوجوب على الله سبحانه ، وتركه لنصب الإمام ، وكلاهما باطل ـ : إنّ تلك الواجبات إنّما تجب بشرط وجود الإمام ، ومقدّمة الواجب المشروط غير واجبة ، كالاستطاعة بالنسبة إلى الحجّ ، ولا سيّما أنّ الأوّل ـ وهو إقامة الحدود ـ إنّما يجب على الإمام ، بل وكذا الأخيران ، فكيف تجب مقدّمتها ، وهي نصب الإمام على غيره؟! اللهمّ إلّا إذا خيف على بيضة الإسلام ، فإنّه يجب الأخيران على الناس أيضا ، فيجب عليهم النصب هنا خاصّة.
ولو سلّم وجوب تلك الأمور على الناس ، وأنّ النصب مقدّمة وجود لها ، فكثير من الجمهور لا يقولون بوجوب مقدّمة الواجب كما سيذكره المصنّف رحمهالله في مسألة أصول الفقه.
فاتّضح بما بيّنّا بطلان الرجوع إلى اختيار الأمّة ، كلّا أو بعضا ، وبطلان إيجاب النصب عليهم.
لكنّ القوم مع اختيارهم لذلك ، اكتفوا ببيعة الواحد والاثنين في عقد
__________________
(١) شرح تجريد الاعتقاد : ٤٧٢.