عن بيعة أبي بكر ، وتخلّفهم عنها زمنا طويلا ، ولم يكتفوا ببيعة من بايعه من أهل السقيفة فضلا عن عمر وحده؟!
ألم يسمعا تخلّف سعد وابن عمر وأسامة بن زيد ومحمّد بن مسلمة وأبي مسعود الأنصاري وغيرهم عن بيعة أمير المؤمنين عليهالسلام مع مشاهدتهم بيعة أهل الحلّ والعقد له (١)؟!
ألم يدريا أنّ بيعة الأوس لأبي بكر كانت حسدا للخزرج ، لا للاكتفاء المذكور ، كما تشهد به مراجعة تأريخي الطبري وابن الأثير (٢) في كيفية بيعة السقيفة ؛ وكذا بيعة المهاجرين ، إنّما كانت حسدا وعداوة لأمير المؤمنين عليهالسلام؟! كما ستعرف إن شاء الله تعالى.
وأعجب من ذلك دعواهما انطواء الأعصار على ذلك ، فإنّا لم نسمع أنّه اتّفق في زمان اكتفاء الناس ببيعة الواحد والاثنين ، وأنّ التكليف دعاهم إلى التسليم!
نعم ، سمعنا عهد الملوك الخونة لأبنائهم الجهلة الفسقة ، ولكنّه من نصّ الإمام عندهم لا من محلّ الكلام!
ومن المضحك أنّهم يصفون الصحابة بالصلابة في الدين في مثل المقام ، ممّا يحتاجون فيه إلى إثبات صلابتهم ومحافظتهم على أمور الشرع ، ويدّعون في مقام آخر أنّ مبادرتهم إلى البيعة وإعراضهم عن دفن سيّد المرسلين ، خوفا من الفتنة وزوال أمر الإسلام ، فإنّهم إذا كانوا بتلك
__________________
(١) راجع : تاريخ الطبري ٢ / ٦٩٧ ـ ٦٩٨ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٥٢٤ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٨٢ ، البداية والنهاية ٧ / ١٨٢.
(٢) تاريخ الطبري ٢ / ٢٤٣ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٩٤ حوادث سنة ١١ ه ، وانظر : شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ١٠.