الصلابة ، فأيّ خوف يخشى على الإسلام إذا بادروا لدفن نبيّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخّروا البيعة ساعة ، وتذاكروا في أثناء هذا الوقت بتعيين الأولى؟!
وإذا كانوا بتلك الصلابة ، فكيف خاف عمر من وجوه الصحابة أن يفسدوا إذا خرجوا في الجهاد وإمرة البلاد؟! .. روى الحاكم في « المستدرك » في مناقب أمير المؤمنين عليهالسلام ، من كتاب معرفة الصحابة (١) ، وصحّحه الذهبي في « تلخيصه » ، عن قيس بن أبي حازم ، قال :
جاء الزبير إلى عمر بن الخطّاب يستأذنه في الغزو ، فقال عمر : اجلس في بيتك فقد غزوت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال : فردّد ذلك عليه ، فقال له عمر في الثالثة أو التي تليها : اقعد في بيتك! فو الله إنّي لأجد بطرف المدينة منك ومن أصحابك أن تخرجوا فتفسدوا عليّ أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقد ظهر من كلام « المواقف » وشرحها أنّ إمامة أبي بكر انعقدت ببيعة عمر ، فوجب اتّباعه على أهل الإسلام قاطبة.
فكان ما نسبه المصنّف إليهم صدقا ، وإنّما الفضل جاهل بمذهبه وبمراد المصنّف.
فالمصنّف لم يرد إنكار بيعة الأنصار يوم السقيفة ، بل أراد نفي كون إمامة أبي بكر عن مشورة أهل الحلّ والعقد واجتماع رأيهم ، وإنّما كان أصل انعقادها ببيعة عمر ورضا أربعة ، ولذا كانت فلتة كما قاله عمر (٢) ،
__________________
(١) ص ١٢ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٢٩ ح ٤٦١٢ ]. منه قدسسره.
وانظر : مسند البزّار ١ / ٤٦٦ ح ٣٣٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٥٢ ، كنز العمّال ١١ / ٢٦٧ ح ٣١٤٧٦ ، عون المعبود ١١ / ٣٦٦.
(٢) راجع الصفحة ٢٥٨ ه ١ من هذا الجزء.