ومع ذلك أوجبوا طاعته على جميع الخلق! وهذا لا يستحلّ القول به من يؤمن بالله وعدله وحكمته.
على أنّ ما ادّعاه الفضل من اتّفاق أرباب التواريخ على أنّ أبا بكر لم يفارق السقيفة حتّى بايعه جميع الأنصار إلّا سعدا ، كذب صريح ..
قال ابن الأثير (١) : « لمّا توفّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة ، فبلغ ذلك أبا بكر ، فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجرّاح ، فقال : ما هذا؟!
فقالوا : منّا أمير ومنكم أمير.
فقال أبو بكر : منّا الأمراء ومنكم الوزراء.
ثمّ قال أبو بكر : قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، عمر وأبا عبيدة أمين هذه الأمّة.
فقال عمر : أيّكم يطيب نفسا أن يخلّف قدمين قدّمهما النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
فبايعه عمر وبايعه الناس.
فقالت الأنصار ـ أو : بعض الأنصار ـ : لا نبايع إلّا عليّا » ؛ انتهى.
ونحوه في « تاريخ الطبري » (٢).
وقال ابن عبد البرّ في « الاستيعاب » بترجمة أبي بكر : « بويع له بالخلافة في اليوم الذي مات فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سقيفة بني ساعدة ، ثمّ بويع له البيعة العامّة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم ، وتخلّف عن بيعته سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وفرقة من قريش » (٣).
__________________
(١) في كامله ص ١٥٦ من الجزء الثاني [ ٢ / ١٨٩ ، حوادث ١١ ه ]. منه قدسسره.
(٢) ص ١٩٨ من الجزء الثالث [ ٢ / ٢٣٣ حوادث سنة ١١ ه ]. منه قدسسره.
(٣) الاستيعاب ٣ / ٩٧٣ رقم ١٦٣٣.